الحسن بن الإمام يحيى حميد الدين،
امير لواء إبّ ثم نائب الإمام أحمد في صنعاء وتوابعها من الاقضية
والنواحي الشمالية
ارسله الامام يحيى في 20 ذي الحجة سنة 1347 هـ الى مدينة إبّ، ومعه القاضي محمد بن سعد الشرقي عامل حجور، والقاضي عبدالله بن أحمد الجنداري والشاعر يحيى بن علي الذاري كمستشارين له، وذلك لمعرفة أحوال قضا إبّ، وتقرير واجباته ، فانزله عامل إبّ الشيخ إسماعيل بن محمد باسلامة في أحد بيوته، ثم عاد الى صنعاء في المحرم سنة 1349 هـ بعد ان اصدر والده بلاغا رسميا بتاريخ 24 ذي الحجة سنة 1348 هـ بتعيينة ناظرا للمواصلات ، ثم جعلة ناظرا للحربية ، بعد ان جعل الامام يحيى ابنه القاسم ناظر للماصلات ، ولم يبق الحسن في هذه المنصبين الا مدة يسيرة ثم الغى الامام منصب ناظر الحربية ، فكان الحسن يقيم في صنعاء واحيانا في القفلة حيث استولى على حقل البطنة من قبيلة عذر إحدى قبائل حاشد فاستصلحة واستزرعه وكا يباشر الزراعة احيانا بنفسه.
وحينما قرر الامام اقطاع ما يحكمه من اليمن بي بعض اولادة ارسل ابنة الاكبر احمد (الامام احمد) واليا على لواء تعز سنة 1357 الى جانب ولايت على لواء حجة ثم ارسل ابنه الحسن في نهاية السنة المذكورة واليا على لواء إبّ بعد ان اضاف الى قضاء إبّ عددا من الأقضية ، هي قضاء العُدَين وناحية السَّبرَة وناحية ذي السُّفال وهذه كلها كانت تابعة للواء تّعزَ ، ثم اضاف الية قضاء يريم وقضاء النادرة وقعظبة واقطتطع من قضاء رداع ناحية الحُبَيشيَّة كما اوجد ناحية القَفْر ، وقد أُخذَت عُزَلُها من قضاء يريم ، ومن قضاء ذمار ومن ناحية المخادر ومن ناحية حُبَيش وذلك ليكون لواءً تحت إمارة المترجم له ، ثم ولي الإمام يحيي ابنة عبدالله لواء الحديدة سنة 1359هـ والمطهر بن الإمام يحيى لواء حُوث.
ومع ان الحسن كان مشهوراً بالصلاح والنزاهة الشخصية والاستقامة حتى كان يُدعى (زينُ العابدين) إلا أنه كان ظالما غشوما فقد جعل الزكاةَ على الزراع (صُبْرةّ) أي مُقَنَّنة باعتبار أعلى ما جادت به الأرض من ثمار في سنء الخير ، والزم الفلاحين بدفع ذلك المقدار سواء أكانت الارضُ مزروعةً أم غير مزروعة وإذا كانت مزروعة سواءً اجادت بالثمار أم لم تثمر لسبب من الأسباب، إمّ م لم تثمر لسبب من الاسباب اما لجفاف واما لافة زراعية وكان اذا راى الاسعار رخيصة ابقى الزكاة لدى الزراع حتى ترتفع اثمانها فيطلب قيمتها وان كانت الاسعار مرتفعة اخذها عينا بعد مدة غير قصيرة من الحصاد وقد تفنن في تعذيب من يحكمهم من عباد الله في هذا اللواء بان شغلهم باعمال تعسفية حتى يرهقهم من امرهم عسرا فقد الزمهم بقتل الرباح (القرود) واحضار اصحاب كل منطقة اذيال القرود التي تم قتلها ليتاكد من انهم قاموا بما كلفوا به بصدق واخلاص لتنفيذ اوامره كما استولى على حول حَمام وكان يقع في السفح الغربي لمدينة إبّ القديمة المسوّرة ويُسقى بمياه المساجد الآسنة ولكن الحسن بعد ان استولى عليه كان يمدُّه بمياة الشرب التي تاتي من جبل بعدان مباشرة فينقطع الماء عن المساجد يوما ليسقى هذا الحول وفي اليوم الذي يلية تصرف المياه للمساجد مما حدا بالشيخ علوان الشَّراعي احد اعيان مدينة إب المشهور بالفُكاهة اللاذعة والنكته السياسية ان يشبه هذا الحول بناقة صالح في قولة تعالى:(قال هذه ناقةٌ لها شربٌ ولكم شربُ يومٍ معلوم) الشعراء 155/26
وهذا الرجل هو الذي قال: لقد ارسل اللهُ موسى علية السلام إلى بني إسرائيل بتسع آيات بينات ، والإمام يحيى أرسل ابنه والياً على إبّ بتسع آيات عذاب ،
تقدم ذكرُ بعضها وهو الصُّبرَة، وقتل الرباح (القرود) وسَقْيَ حول حَمام، ومنها المكيال الإمامي عوضا عن المكيال الإبي الذي كان يزيد على المكيال الإمامي بربع قدح وثمن القدح, ويضاف الى ما تقدم شقّ الكرقات في الجبال من تعز الى إبّ والى السحول لكي تمر عليها سيارة صاحب الترجمة إذ كان هو الوحيد في لواء إبّ الذي لدية سيارة، وكذلك السخرية للدواب لتحمل الحجارة لبناء بعض العمارات الحكومية ومنها المستشفى، وتاسعها الطحين إذ كان صاحب الترجمة يلزم اللأهالي في مدينة إبّ بطحن الحبّ للعساكر ولطلبة المَسْعَف مجاناً.
وقد ضمّن القاضي عبدالرحمن بن يحيى الإرياني مظالم الحسن المذكورة آنفا في قصيدته العصماء التي كانت سبباً في حبسة سنة 1363هـ 1944م
نذكرها للعظة والاعتبار لا للتشهير والتبكيت فالرجل قد تجاوز السابعة والثمانين ويعيش في نيويورك.
وكان الحسن صاحب الترجمة مثل والده في بخله ولؤمة، فحينما تعرضت نواحي معينة من اليمن للمجاعة سنة 1362هـ 1943م ومنها لواء إبّ الذي انكده الحظ بأن كان المترجم له والياً عليه ، فقد كان ينزح من البوادي الى مدينة إبّ مئاتٌ وربما الاف من الجائعين الذين لا يجدوون ما يُبقي عليه حياتهم فكانوا يتساقطون كأوراق الشجر موتى تحت سمع وبص هذا الحاكم الظالم، ولا ترف له عينٌ ولا يخشع له قلب لمصير هؤلاء الآلاف من الناس، وخزائن الدولة مملوءة بأصناف الحبوب ، فكان القادرون من أهل إبّ يطعمون من يستطيعون إطعامة، لكنهم كانو يجدون صعوبة في تكفين مَن مات منهم في كل ساعة ، فتطوع داود الصُبَيري أحد يهود مدينة إب فكانُ يعطي للفقية إسماعيل العلاّيه الرجل المناط به تغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم طاقةً (لفةً) مكونة من عشرات الأذرع بعد طاقة لتكفين من يموت بالجوع فقيل للحسن بن الامام يحيى:
لا يليق بك ان تصم أُذنيك عن استغاثة هؤلاء الذين يموتون امام دار الحكومة ويتفضل عليهم اليهودي الذي كان خيرا منك بالكفن فقال ان الذين يموتون كانوا لا يصلون ولكنه سيامر بصرف الكفن لمن يثبت شرعا انه مواظب على الصلاة حتى وفاته فسخر منه القاضي فضل الاكوع ومن عقليته المتحجرة وبعد محاورة طويله امر بان يصرف لكل ميت كفن بمقدار جسمه! فاحتار امين صندوق مالية لواء إبّ الشيخ علي بن اسماعيل باسلامة في تقدير اجسام الموتى حتى يصرف لهم بمقدارهم بمقتضى امر هذا الحاكم .
وكان اذا جاءه سائل فقير يطلب مساعدته ومعه شهادةٌ تثبت فقرَه فإنه بعد الحاح من السائل يامر بان يصرف له مقدارٌ زهيد من الحب من بلد ناء عن بلده بمسافة طويلة ليعذبه بحمله لمسافة يوم او يومين، وله قصص في ذلك لا يصدقها العقل.
وصادف ان قتل الامام يحى وهو في (القفلة) فكتب برقيه الى أهله في مدينة إبّ ليطمئن على احوالهم وارسلها بواسطة الامام عبدالله بن احمد الوزير معترفا بامامته ولكنه بعد ان علم بنجاة اخية
أحمد ولي العهد من القتل ألّب القبائل من
حاشد ودخل بهم صنعاء بعد سقوطها في أيدي
أتباع الإمام أحمد فكان نائبا للإمام على
صنعاء ونواحيها.
 ناب عن الإمام أحمد في المشاركة في احتفال تتويج ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية سنة 1952م ولما برزت فكرة جعل محمد البدر ابن الإمام أحمد وليا للعهد انزعج المترجم له هو وبقية اخوته واولادهم وكونوا ما يشبه التحالف ضد البدر فلكلف الامام احمد اخاه المترجم له لينوب عنه في حضور مؤتمر باندونج في اندونوسيا سنة 1954 م وظل خارج اليمن لزيارة بعض عواصم الاقطار العربية ووقع خلال غيابة تمرد حامية تعز الذي استغلها المقدم احمد يحيى الثلائي فحوله الى محاصرة للامام احمد والضغط عليه ليتنازل لاخيه عبدالله بن الامام يحيى وكان موجودا في تعز وقد انتهى مصير هذه الحركة الى الفشل فاسرع الامام احمد بقتل اخيه عبدالله واخيه العباس ولو كان المترجم له في اليمن لكان مصيرة مصير اخويه المذكورين وقد اكتفى الامام بالزامه بالبقاء خارج اليمن اذ عينة الامام مندوبا لليمن في الامم المتحدة وظل في هذا المنصب حتى توفى الإمام أحمد وخلفة ابنه البدر ولي عهده فنصب نفسه امام ولم يبقى في منصبه سوى بضعة ايام فقد قامت الثورة في 28 ربيع الاخر سنة 1382هـ الموافق 26 سبتمبر 1962م واعلن قادة الثورة ان البدر قد قُتل فجاء المترجم له الى لندن ثم الى المملكة العربية السعودية التي احتضنته واعلن نفسه اماماً في 5 اكتوبر من السنة نفسها وتلقب بالمؤيد ولم تمض ايامٌ حتى انكشف ان البدر لم يُقتل بعد ان اجتاز حدود الجمهورية العربية اليمنية الى حدود المملكة السعودي فالزم الملك سعود المترج له بالتنحي للبدر باعتبار انه الملك الشرعي المعترف به ففعل وقاد عددا من الحملات ضد النظام المهورية وكان يعارض اعطاء القبائل التي وقفت الى جانبة لمحابة النظام الجمهورية مالا مقابل تاييدهم للنظام الملكي وقال : اذا كان الناس لا يؤيدوننا الا طمعا في المال فلا قيمة لهذا التاييد اطلاقا.
وقد انتهى أمرُه وأمرُ سائر افراد اسرته بما فيهم البدر ان اختار كل واحد منهم مكانا ليعيش فيه بعد ان تمت المصالحة بين الجمهورية العربية اليمنية والمملكة العربية السعودية التي كانت تمد الملكيين اليمنيين بالمال والسلاح واعترافها بالنظام الجمهوري وقد اختار المترجم له مدينة نيويورك مكانا ليعيش فيه واخبرني القاضي علي بن محمد الرضي ان الحسن قال بعد ان بلغه القاضي عبدالرحمن ابن يحيى الارياني قد تولى رئاسة الجمهورية العربية اليمنية سنة 1394هـ 1974م (الان يئسنا من العودة الى اليمن)
مولده في شعبان القفله سنة 1326هـ
اثارة:
- المطاوي، رسالة لا يخرج القارئ منها بادني فائدة.
انتهى
منقول من كتاب (هجر العلم ومعاقله في اليمن) للقاضي اسماعيل بن علي الأكوع